المتابعون

الاثنين، 20 يناير 2014

على وقع المطر ... للشاعرة الكبيرة نازك الملائكة.






أمطري , لا ترحمي طيفي في عمق الظلام


أمطري صبّي عليّ السيل , يا روح الغمام


لا تبالي أن تعيديني على الأرض حطام


وأحيليني , إذا شئت , جليدا أو رخام


اتركي ريح المساء الممطر الداجي تجنّ


ودعي الأطيار , تحت المطر القاسي , تئنّ


أغرقي الأشجار بالماء ولا يحزنك غصن


زمجري , دوّي , فلن أشكو , لن يأتيك لحن


أمطري فوقي , كما شئت , على وجهي الحزين


لا تبالي جسدي الراعش , في كفّ الدجون


أمطري , سيلي على وجهي , أو غشّي عيوني


بللي ما شئت كّفيّ وشعري وجبيني


أغرقي , في ظلمة الليل , القبور الباليه


وألطمي , ما شئت أبواب القصر العاليه


أمطري , في الجبل النائي , وفوق الهاويه


أطفئي النيران , لا تبقي لحيّ باقيه


آه ما أرهبك الان , وقد ساد السكون


غير صوت الرّيح , في الأعماق , تدوي في جنون


لم تزل تهمي , من الأمطار , في الأرض , عيون


لم يزل قلبي حزينا , تحت أمواج الدجون


أيّها الأمطار , قد ناداك قلبي البشريّ


ذلك المغرق في الأشواق , ذاك الشاعريّ


إغسليه , أم ترى الحزن حماه الأبديّ


إنه , مثلك يا أمطار , دفّاق نقيّ


ابدا يسمع , تحت الليل , وقع القطرات


ساهما يحلم بالماضي وألغاز الممات


يسأل الأمطار : ما أنت ؟ وما سرّ الحياة ؟


وأنا , فيم وجودي ؟ فيم دمعي وشكاتي ؟


أيها الأمطار ما ماضيك ؟ من أين نبعت ؟


أابنة البحر أم السحب أم الأجواء أنت ؟


أم ترى أدمع الموتى الحزانى قد عصرت ؟


أم دموعي أنت يا أمطار في شدوي وصمتي ؟


ما أنا ؟ ما أنت يا أمطار ؟ ما ذاك الخضمّ ؟


أهو الواقع ما أسمع ؟ أم صوتك حلم ؟


أيّ شيء حولنا ؟ ليل وإعصار وغيم


ورعود وبروق وفضاء مدلهمّ


أسفا لست سوى حلم على الأرض قصير


تدفن الأحزان أيّامي ويلهو بي شعوري


لست إلا ذرة في لجّة الدهر المغير


وغدا يجرفني التيار , والصمت مصيري


وغدا تدفعني الأرض سحابا للفضاء


ويذيب المطر الدفّاق دمعي ودمائي


ما أنا إلا بقايا مطر ,ملء السماء


ترجع الريح إلى الأرض به , ذات مساء


أمطري , دوّي , اغلبي ضجّة أحزاني ويأسي


أغرقيني , فلقد أغرقت في الآلام نفسي


إملأي كأسي أمطارا فقد أفرغت كأسي


واحجبي عني دجى أمسي فقد أبغضت أمسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق